قبل خمس سنوات، نجحت قوات الأمن العراقية في دحر داعش، ليشكل هذا النصر الذي أُحرز بشق الأنفس، محطة بارزةً على صعيد الجهود المبذولة لضمان هزيمة داعش الدائمة. منذ ذلك الحين، حافظت قوات الأمن العراقية على موقعها في الخطوط الأمامية، مُستمرةً في العمل مع الشركاء لتعزيز قدراتهم وضمان عدم عودة داعش – نهائياً. وبقيت هذه المهمة، بقيادة شركاء عراقيين، قائمةً حتى يومنا هذا.
إبان احتلال داعش لمساحات شاسعة من العراق عام 2014، فرض التنظيم حكماً إرهابياً مرتكباً جرائم ممنهجة على نطاق واسع بحق ملايين العراقيين، بما في ذلك الإعدام الجماعي والاستعباد الجنسي وأشكال أخرى من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي والتعذيب. أجبر احتلال ووحشية داعش ملايين العراقيين على الفرار من ديارهم، مما أدى إلى أزمة إنسانية.
وفي شهر أيلول/سبتمبر 2014، تم تشكيل التحالف الدولي المكون من 85 عضواً للقضاء على التنظيم الإرهابي. كما نشأ المكون العسكري للتحالف الدولي، “قوة المهام المشتركة – عملية العزم الصلب”، لتكون القائدة لهذه المهمة وتدعم القوات العراقية والبيشمركة في جهودها لهزيمة داعش.
أوضح المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، اللواء يحيى رسول، أهمية التحالف عندما قال: “خلال معارك التحرير، لعب التحالف الدولي دوراً كبيراً وحاسماً في توفير السلاح والدعم الجوي، ناهيك عن تبادل التقارير الاستخباراتية. إلا أن الذين كانوا يقاتلون على الأرض، يحملون السلاح، ويحققون الانتصارات، هم أفراد القوات العراقية المشتركة”.
بالإضافة إلى المهمة العسكرية المنوطة به، يعمل التحالف الدولي على الحد من وصول داعش إلى التمويل ومنع تدفق المقاتلين الإرهابيين الأجانب عبر الحدود، كما دعم جهود تحقيق الاستقرار في المناطق المحررة، ومكافحة دعاية داعش الإرهابية.
تمكنت قوات الأمن العراقية بعد سنوات من التعاون مع التحالف الدولي من إعادة ترسيخ الأمن في جميع أنحاء البلاد، مما سهل تحول مهام التحالف من قتالية إلى استشارية في كانون الأول/ديسمبر 2021. فمنذ ذلك الحين، تواصل قوة المهام المشتركة – عملية العزم الصلب تقديم الإرشاد لقيادة قوات الأمن العراقية، وتعمل على تبادل المعلومات الاستخبارية. كما ساهم التعاون المستمر مع القوات العراقية بالقضاء على قادة داعش، وملاحقة أعضاء التنظيم الذين لم يغادروا العراق، بهدف منع عودة ظهورهم، وبالتالي تقديمهم إلى العدالة.
كما قادت قوات الأمن العراقية من العديد من العمليات لتجفيف منابع تمويل داعش وتعطيل عمل خلاياه التي تهدد المجتمعات المحررة.
وبدعم من الشركاء والمنظمات الدولية، بما في ذلك برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، عملت حكومة العراق على تيسير العودة الآمنة لملايين الأشخاص النازحين، وإعادة اللاجئين الذين يعيشون في المخيمات السورية إلى مجتمعاتهم وإعادة دمجهم. وبالتوازي، نشأ برنامج إعادة الاستقرار إلى المناطق المحررة في عام 2015 لإعادة تأهيل البنى التحتية العامة، وتقديم الخدمات الأساسية لأكثر من 31 موقعاً على امتداد المحافظات المحررة. ومع تخصيص ما يزيد عن 1.48 مليار دولار أمريكي من 30 شريكاً دولياً، أعيد تأهيل المنازل والمرافق العامة، بما في ذلك المدارس والمستشفيات، وأنشئت شركات صغيرة لدعم ما يقرب خمسة ملايين عراقي نزحوا بسبب إرهاب داعش.
من تولي زمام المبادرة في محاربة فلول داعش، إلى تمكين العودة الآمنة للنازحين واللاجئين وإعادة دمجهم، أحرزت السلطات العراقية تقدماً كبيراً في استعادة الأمل وإعادة بناء المجتمعات التي دمرها داعش.
واليوم، تحولت ساحات المدن وشوارعها التي كانت في السابق مسارح للإعدامات وعمليات الجَلد العلني، إلى ساحات تعج بالحياة بعد أن أعادت السلطات المحلية والمانحون الدوليون بناء المدن وتأهيل المعالم المتضررة.
وفي الوقت الذي تستمر فيه التحديات، إذ تشكل عمليات داعش صغيرة النطاق تهديداً خطيراً للمجتمعات المحررة، تلتزم حكومة العراق وقوات الأمن العراقية والتحالف بمنع عودة داعش وضمان سلام وأمن دائمين في العراق.
وهذا ما أوضحه المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة اللواء تحسين الخفاجي، الذي قال مؤكداً: “نعاهد شعبنا بأن نكون جنوداً أوفياء لخدمة هذا الوطن […]. و سننجح في توفير الأمن والسلامة لجميع الشركات والعاملين لمواصلة إعادة الإعمار والتطوير”.