مشروع حكومي عراقي يهدف إلى إعادة بناء المجتمعات المتضررة من داعش

“عندما علمت أن زوجي قد انضم إلى داعش ، أخذت بناتي الأربع وذهبتُ إلى بغداد حيث قمنا بتغيير اسمائنا واستأجرنا منزلاً صغيراً بمساعدة عائلتي” ، تقول إحدى النساء مُفضلة عدم ذكر اسمها.

وكجزء من الإجراءات الضرورية تقوم الحكومة العراقية بالتحقيق مع أي شخص لديه صلة بأحد أعضاء داعش. إن الهدف من التحقيقات هو الكشف فيما إذا كان الأفراد المرتبطين بداعش متورطون في جرائم ذات صلة أو يدعمون إيديولوجية داعش. و إذا ما تبينت براءة هؤلاء الأفراد بناء على التحقيق، يتم إرسالهم إلى برامج إعادة التأهيل داخل مخيمات خاصة لعائلات أعضاء داعش الذين لم يتورطوا في الجرائم ثم يُعاد دمجهم في بيئاتهم الأصلية. تعمل الحكومة العراقية على الآلاف من هذه الحالات كجزء من برنامجها لتحقيق التعايش السلمي في المدن المحررة من داعش.

ومن بين هذه الإجراءات فقد أقامت الحكومة العراقية 12 مخيماً موزعة على مناطق نينوى والأنبار وديالى وصلاح الدين بما في ذلك 100.000 من أقارب أعضاء داعش الذين رفضهم سكان مناطقهم ، حتى بعد إعلان براءتهم..

وضمن المناطق المحررة، غالبا ما يتعرض السكان لحكم العادات القبلية بالإضافة إلى القانون الوطني ولذلك فقد بدأت بعض القبائل بتنفيذ ما يعرف بمبدأ “الجلوة” وهو إجلاء العائلات التي ارتكبت جريمة أو تلك التي يرفضها الناس بسبب صلاتها بالمنظمة الإرهابية.

ويقول الشيخ عبود العيساوي رئيس اللجنة القبلية البرلمانية: “في هذه المرحلة ، الهدف هو عزل هذه العائلات لحمايتهم لأنهم مهددون بأعمال انتقامية”، موضحاً حساسية الوضع الحالي في المناطق المحررة حيث أن أولئك الذين عانوا على أيدي أعضاء داعش يعيشون جنباً إلى جنب مع أفراد عائلة داعشية ليسوا بالضرورة متورطين في الجرائم.

وتعامل الحكومة كلا الفريقين كضحية وتعمل على إعادة تأهيل جميع الأسر من خلال دعم جهود المنظمات الدولية والمحلية المعنية بهذه الحالات. وتعتمد الحكومة أيضاً على شيوخ القبائل ورجال الدين لأن لهم دورًا في تهدئة الوضع وحث سكان المناطق المحررة على العيش في سلام مرة أخرى حيث أن هذا الأمر لن يتحقق إلا من خلال مبدأ التسامح.

وفي حين من المؤكد أن هنالك أسراً داعشية متورطة في الجرائم وستتم مقاضاتهم وفقا للقانون بحسب الشيخ عبود، ولكن فإن شريحة كبيرة من مجموعة “العائلات الداعشية” تضم عائلات قد رفضت هذه الأفعال ونأت بنفسها عن المجموعة. ويقول الشيخ عبود: ” لقد شكلنا بدعم من رئيس الوزراء العراقي مجلساً قبلياً للسلم الأهلي وهم يناقشون باستمرار الحلول والأفكار لتحقيق التعايش السلمي بشكل يضمن للجميع إمكانية العودة للحالة الطبيعية في المدن المحررة.”

وتخضع العائلات التي تبين أنها بريئة في المخيمات لإعادة التأهيل لعدة أشهر تحت الإشراف المباشر للبرامج ذات الصلة من الأمم المتحدة. وفي هذا الصدد فقد تم إنشاء مراكز استماع للنساء لإعادة تأهيل وتمكين النساء ليتمكنّ من بدء حياة جديدة. كما تم دمج الأطفال في العديد من البرامج التعليمية التي تعمل على تعريفهم بكل ما حظرته داعش، فاليوم هم يلعبون، يغنون، يرسمون، يشاهدون الأفلام المتحركة ويتمتعون بأنشطة أخرى قد منعوا منها بسبب داعش.

وتقول لقاء الوردي، عضو مجلس النواب العراقي عن محافظة الأنبار التي كتبت تقريرا يؤكد على ضرورة عقد لجنة للمصالحة تعمل في إطار مناطق إقامة الأسر المعزولة لإيجاد صيغة للمصالحة: ” إن الأسر المعزولة تشمل الأطفال والنساء من مختلف الأعمار، والذين هم في الواقع ضحايا “. وتتابع: ” لقد ناقشنا ذلك مع شيوخ القبائل في كل مدينة ومنطقة لمعرفة إذا ما كانت هنالك اعتراضات على استقبال وعودة هذه العائلات. نحن نعمل على دمج هذه العائلات مرة أخرى في المجتمع وهي الطريقة الوحيدة لتحقيق التعايش السلمي.”

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك, يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد