لتبرير هزائم التنظيم المتتالية وللتخفيف من شأن استعادة قوات الأمن العراقية السيطرة على مدينة الموصل بدعم من التحالف الدولي.
بعد أن أعلن التنظيم بأن مدينة الموصل هي العاصمة العراقية لما يسميه “بالخلافة”، تعمد البغدادي في هذا التسجيل الصوتي تغييب ذكر الموصل بصورة أساسية وعوضاً عن ذلك أشار إليها ضمن إطار الحديث العام عن “ولاية نينوى” التي وصفها بأنها “منارة من منارات الدولة الاسلامية”. ويدل هذا التوصيف الهام إلى نزعة البغدادي للتقليل من شأن مدينة الموصل في ذهنية مناصريه بهدف تهيئتهم لتحريرها المحتمل على أيدي الحكومة العراقية. ومع ذلك، ستكون خسارة المدينة أبرز نكسة للتنظيم منذ بدء عمليات الهجوم للقضاء عليه.
وعلى هذه الخلفية، لم يركز البغدادي في خطابه على ذكر خسارة تنظيم داعش لبلدة دابق أو على تبرير الهزيمة فيها، علماً بأن دابق الواقعة في شمالي سوريا هي منطقة تحمل رمزية نبوية خاصة بالنسبة للتنظيم الذي وظف آلية دعايته الفكرية على مدى سنوات في تصوير دابق كموقع حدوث ملحمة نهاية الزمان. وفي تجسيد لاعترافه بهزيمة التنظيم الوشيكة وبأن خسارة الموصل هي إشارة إلى نهاية سيطرة داعش على أبرز مناطق العراق، يرتكز البغدادي في خطابه على عِبَر مستقاة من انتصارات تاريخية ودينية تحققت في وقت كانت الجيوش الاسلامية على شفير الهزيمة، بهدف إسكات الشك والخوف المتفاقمين في صفوف المقاتلين. ويحظى محاربو داعش الذين تحتجزهم الحكومة العراقية باعتذار من البغدادي مفاده بأنه غير قادر على مساعدتهم وبأنه الحري بهم أن يقضوا فترة احتجازهم في الصلاة لإخوانهم.
ويمكن رؤية خطاب البغدادي على أنه خطاب الإحباط والخيبة. فخلافاً لرسائله السابقة التي ناشد فيها الفئات السنية بالانضمام إلى الدولة الاسلامية، يضفي على خطابه الأخير سمات توبيخ الجماعات السنية لنكرانها عقيدة التنظيم وعدم تعاطفها معها. ويتجلى مصدر هذه الخيبة في رفض العالم السني للهوية والرسالة والعقيدة التي يمثلها البغدادي وتنظيمه. كما وأن الشعوب تحت سيطرة داعش قد انقلبت تدريجياً ضد التنظيم من خلال قيامها بنشاطات مقاومة للتنظيم ، صغيرة كانت أم كبيرة، مسلحة أو مجردة من السلاح.