عملت الحكومة العراقية وقوات الأمن بلا كلل لدعم العودة الآمنة للنازحين داخلياً، منذ هزيمة داعش في العراق عام 2017. لكن، لم تخلُ هذه المبادرة من التحديات. فمن بين الصعوبات العديدة التي واجهت أكثر من خمسة ملايين نازح (نزحوا خلال فترة إرهاب داعش)، كان غياب القبول الاجتماعي في المجتمعات التي استقروا فيها حديثاً، أو لدى العودة إلى منازلهم من مخيمات النزوح. توجد اليوم نظرة مجتمعية إلى النازحين، تعتبرهم مصدر تهديد أمني محتمل، أو أنهم ربما متواطئون في حكم داعش العنيف.
للتغلب على هذه الوصمة، تعمل قوات الأمن العراقية بشكل وثيق مع الحكومة العراقية والمنظمات الدولية لحماية عودة النازحين والتأكد من أن العائدين لا يشكلون تهديدًا أمنيًا للمجتمع بالعموم. كما تعمل الحكومة وقوات الأمن مع المنظمات الدولية، مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، على معالجة التحديات المادية والاجتماعية التي تعيق العودة الآمنة للنازحين. حيث يعملون على إزالة المتفجرات التي خلفتها الحرب وإعادة تأهيل البنية التحتية والخدمات وتسهيل الحوار وبناء الثقة بين العائدين والمجتمعات المضيفة. فضلًا عن إجراء فحوصات أمنية أساسية لضمان أن العائدين لا يشكلون تهديدًا أمنيًا. حتى الآن، ضمنت هذه الجهود العودة الآمنة لما يقرب من خمسة ملايين نازح عراقي إلى ديارهم وحياتهم.
“ كانت مغادرة حينا ومنازلنا أشبه بالموت بالنسبة لنا، ومع عودتنا، عادت الحياة إلينا”، يقول محمد الأحمد محمد، الناشط في ناحية المحلبية في الموصل.
اللواء الركن جبار الطائي، قائد عمليات غرب نينوى، يلخص بإيجاز الدور المزدوج قائلاً: “من واجبنا أن نرحب بعودة النازحين بأمان إلى منازلهم بعد الفحوصات الأمنية”. من خلال اتباع نهج تعاوني ومقاربة تراعي الثقافات المتنوعة، تمكنت قوات الأمن العراقية جنبًا إلى جنب مع القبائل المحلية والوزارات العراقية المختلفة، من تأمين أكثر من 250 قرية وتدمير أكثر من 60 موقعاً لداعش في أكثر من 17,000 كيلومتر مربع في ديالى ضمن عملية “أبطال العراق” (المرحلة الرابعة) خلال تموز/يوليو 2020.
تعمل قوات الأمن العراقية على تطوير اتفاقيات سلام محلية مع السكان المحليين والقبائل والمنظمات الدولية للحد من الصراع المحتمل داخل المجتمعات المضيفة. تضمن هذه الاتفاقيات تفاهُم زعماء القبائل وقوات الأمن العراقية على كيفية ضمان الأمن، كما تحدد الشروط التي سيتم بموجبها قبول العائدين. يضمن زعماء العشائر سلامة العائدين ويقرّون بتولّي قوات الأمن المسائل الأمنية. على سبيل المثال، في ناحية يثرب (محافظة صلاح الدين)، وبعد نزوح 90% (حوالي 80،000 نسمة) من السكان عام 2014، عملت قوات الأمن مع الجهات العشائرية المحلية وكذلك معهد الولايات المتحدة للسلام وسند (منظمة عراقية غير حكومية) وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، على تطوير وتنفيذ اتفاقية سلام محلية. وكانت النتيجة توقيع “وثيقة السلام المجتمعي” في عام 2016 بين جميع الأطراف في بغداد، ما مهد الطريق أمام عودة أكثر من 80% من النازحين بحلول أوائل عام 2020.
تعمل قوات الأمن العراقية أيضًا مع الشركاء المحليين والدوليين على توزيع المساعدات الإنسانية للنازحين. مثالًا على ذلك، تنسق قيادة عمليات الأنبار بشكل وثيق مع وزارة الهجرة والمهجرين والحكومة المحلية ووزارة النقل، ومجموعات أخرى، بهدف مساعدة النازحين على تلقي المساعدات. ويصف الفريق الركن ناصر غنام، قائد عمليات الأنبار، جهود الجيش في المحافظة قائلًا: “يعمل الجيش العراقي اليوم مع المنظمات التي تدعم النازحين لتوزيع المساعدات الإنسانية على الأسر المستضعفة”.
“بعد عودتنا إلى المنطقة، لعب [برنامج الأمم المتحدة الإنمائي] دوراً رئيسياً في إحياء المجتمع وإعادته إلى الحياة الطبيعية. حيث سهّلوا الوصول إلى الاحتياجات الأساسية وتوزيع المساعدات. كما نفذوا العديد من المشاريع“، يضيف محمد من المحلبية.
يعود الفضل الكبير بنجاح عودة النازحين إلى ديارهم وحياتهم، إلى الجهود الجبارة التي تبذلها قوات الأمن العراقية ونهجها التعاوني والثقافي في التعامل مع مجموعة واسعة من التحديات الإنسانية والأمنية. ويُعد إغلاق الحكومة العراقية لجميع مخيمات النازحين، باستثناء مخيّمين اثنين، دليل على النجاح في السماح للمدنيين من جميع الخلفيات بالعودة إلى ديارهم واستئناف حياتهم بأمن وسلام. الخطوة التالية بالنسبة لقوات الأمن العراقية تتمثل بالعودة الآمنة لجميع العراقيين من مخيمات النازحين في سوريا.