صورٌ من صمود الموصليين بعد ثلاث سنوات من تحرير المدينة من ظلم داعش

يحتفل العراق (اليوم) بالذكرى السنوية الثالثة لتحرير مدينة الموصل من قبضة تنظيم داعش الدامية، بعد أن رزحت المدينة تحت حكم التنظيم لثلاث سنوات عمّ فيها الخراب والدمار. قدّر المسؤولون المحليون نسبة الدمار التي طالت البنى التحتية والممتلكات العامة والخاصة بـ80 بالمئة، وذلك بعد تحرير المدينة من التنظيم. الأمر الذي جعل من إعادة أعمار المدينة أكبر تحدٍّ يواجهه الموصليون، ووضعت من أجله خطة على مدار عشر سنوات بدءاً من العام 2018 وفق ما حددته الحكومة العراقية في ذلك الوقت.

اليوم، ومع انقضاء عامين من عملية إعادة الإعمار، وفي الذكرى الثالثة لتحرير المدينة، تبدو الموصل وكأنها بدأت تستعيد شيئاً من الحياة مع عودة أكثر من مليون ونصف المليون ممن نزحوا عن المدينة، وبزيادة حوالي 3% عن العام الماضي. العائدون إلى الموصل، تكاتفت جهودهم مع مشاريع الحكومة والمبادرات الأهلية والمساعدات الدولية في إعادة الإستقرار إلى المدينة. وهنا ترسم الصور التالية واقع التغيرات التي حصلت بين العامين 2017 و 2020 في أحياء الموصل ومناطقها الأكثر حيوية.

بداية من حي المنصور السكني، والذي يعتبر من أكثر أحياء مدينة بغداد عراقةً وحيوية وهو من أهم الأحياء الشعبية في أيمن الموصل. سمي حي المنصور بهذا الإسم نسبة إلى باني مدينة بغداد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور. الحي تعرض بمعظمه للتدمير أثناء معركة التحرير، وتم تهجير معظم سكّانه إلى مناطق آمنة. اليوم يبدو وقد بدأت تظهر ملامح إعادة إعمار الحي، إذ تشرف على مشاريع إعادة الإعمار في الموصل القديمة منظمة اليونسكو ضمن مشروع “إحياء روح الموصل”.

منطقة الشيخ فتحي، وهي امتداد للجسر الخامس في مدينة الموصل، وتعتبر من أهم الأحياء القديمة في مدينة الموصل. تقع المنطقة في الجانب الأيمن للمدينة، وطالها أيضاً الخراب والتدمير. المنطقة ككثير من المناطق السكنية في الموصل، والتي سويت فيها المنازل أرضاً، حيث يقدر عدد المنازل المدمرة في الموصل حوالي 130,000 منزل. وتعتبر الحكومة الألمانية أكبر الممولين لعملية إعادة تأهيل المناطق السكنية في الموصل تحديداً، بل أول من بادر للقيام بذلك منذ الأيام الأولى لتحرير المدينة. وتقدر قيمة المساهمة الألمانية على مدار السنوات الثلاث الماضية لإعادة إعمار العراق بأكثر من مليار يورو.

دور العبادة في الموصل طالها أيضاً نصيب من الخراب والتدمير. فلم يقتصر إرهاب داعش على الكنائس، إنما مساجد المدينة تعرضت هي الأخرى للتدمير. فما بين كنيسة الساعة والجامع النوري الكبير، وحدة مصير خلال معارك التحرير وما بعد. فكلاهما عمل تنظيم داعش على نهب محتوياتهما وتفخيخهما وتفجيرهما عام 2017. لكن كنيسة الساعة اليوم خضعت لعمليات تأهيل محدودة، وكما جامع النوري، بدعم وتمويل من حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة وتحت إشراف منظمة اليونيسكو.

منطقة السرجخانة، حيث السوق الكبير، والتي سميت بهذا الإسم قديماً لاشتهارها بصناعة سروج الخيول. المنطقة تعرضت إلى الدمار على غرار أحياء الموصل القديمة كافةً.. لكن المشهد اليوم تغير كثيراً عما كان عليه إبان حرب التحرير، إذ رفع الدمار عن شوارع المنطقة واستعاد السوق بعضاً من رواده وشيئاً من الحياة التي عهدها في السابق.

المدارس في عهد داعش تحولت من أماكن للعلم إلى متاريس للحرب. ما أدى إلى خسارة 25% من المدارس نتيجة تعرضها للتدمير خلال المعارك. مدرسة إعدادية الغربية في الجانب الأيمن من الموصل، والتي أنشأت عام 1936 تعرضت لدمار كبير خلال أيام معركة الموصل الأخيرة. أما اليوم، فهي واحدة من أصل 150 مدرسة في مدينة الموصل أعيد إعمارها وتأهيلها وافتتاحها لاستقبال الطلاب من جديد.

حرب التحرير لم تنعكس على الشوارع والأحياء والبنى التحتية فحسب. فالفنانون العراقيون لطالما جسدوا ما جرى في المدينة من خلال أعمالهم الفنية. الفنان التشكيلي حكم الكاتب ركزت رسوماته بمعظمها خلال فترة حكم داعش على عناوين السقوط. احترق منزل الكاتب خلال فترة حكم داعش وخسر إلى جانب داره أكثر من 100 لوحة رسمها. لكنه ومع انطلاق عملية التحرير رسم أكثر من خمس وسبعين لوحة تعبّر عن جمال المدينة وثباتها في وجه الدمار.

يقول اللواء كريس غيكا، نائب قائد قوات علميات العزم الصلب، “إن من أكثر ما أثار إعجابي هو قدرة الشعب العراقي على الصمود”. اليوم وبعد ثلاث سنوات على تحرير الموصل، يثبت أهالي المدينة إصرارهم على نفض غبار الحرب واستعادة الحياة من جديد كما يجب أن تكون.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك, يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد