و عند تحرير المدينة، قامت تلك العائلة بتسليم المخطوطات لممثل عن الطائفة الكلدانية في أربيل، لكنهم طلبوا عدم الإفصاح عن هويتهم لأن “الخلايا النائمة لداعش” لا تزال موجودة في المدينة، ومستعدة للثأر.
تحدث الأب بابلو ثابت ميكو لـ آسيا نيوز عن هذه القصة، وهو الآن مستأمن على هذه المخطوطات الثمينة حتى إعادتها إلى أصحابها حيث قال: “في الآونة الأخيرة اتصل بي شخص كلداني من الموصل قائلاً إنه كان له جار مسلم منذ أن عاش في المدينة قبل 20 عاماً”، وهي عائلة الرجل المسلم الذي تعود أسلافه إلى بلاد ما بين النهرين. “لقد كنا أصدقاء لفترة طويلة على الرغم من المسافة وقسوة داعش.”
و في عام 2015، عندما كانت المدينة تحت سيطرة داعش، ذهب الرجل المسلم، مع أحد أقاربه إلى منطقة قريبة من دير القديس ميخائيل الكلداني باحثاً عن بعض الخشب لطهي الطعام وتدفئة منزله. ووجد مخطوطتين بالخط السرياني القديم، واعتقد أنهما قد تكونان ذات قيمة.
و على الرغم من خطورة الأمر إلا أنه أخذ المخطوطات وخبأهم في منزله. قال الكاهن الكلداني: “لقد كان خائفاً لأنه عرف أنه يمكن أن يُقتل إذا اكتشف أمره.”
و بعد تحرير الموصل، قرر زيارة صديقه وجاره المسيحي في أربيل، كردستان العراق، حيث لجأ الأخير إلى الهروب من داعش و أخبره أنه كان لديه بعض المخطوطات المسيحية القديمة في منزله وإذا كان يعرف كاهناً أو رجل موثوق به يمكنه تسليمها له.
و يضيف الكاهن: ” ذهبت إلى مدينة الموصل بعد عدة أيام حيث قابلت الجارين السابقين، المسيحي والمسلم. وقد أوكلني الأخيرة بالمجلدين. إنها تحتوي على شعائر الصباح وصلوات المساء في الطائفة السريانية الأنطاكية الأرثوذكسية”
و أدرك الأب بولوس من أن المخطوطات سرقت من كنيسة السيدة العذراء السريانية الأرثوذكسية، والتي تم تجريفها بالكامل من قبل الجهاديين وقرر أنه في أقرب وقت ممكن، سيذهب إلى المنطقة لمعرفة ما إذا كانت هناك أي نصوص قديمة أخرى تحت الأنقاض.
و يضيف الكاهن: ” لقد أراد المسلم أن يوصل لي رسالة: ليس كل المسلمين مع داعش. كثيرون يعتبرون المسيحيين مثل الإخوة ومستعدون ليعرضوا حياتهم للخطر من أجل إنقاذ نص مسيحي. يا لها من شجاعة!”
لقد سيطر داعش على الموصل، أكبر مدينة في شمال العراق لأكثر من أربع سنوات. و خلال فترة سيطرته، أحرق أبنية وكتب والكثير من ذلك. لقد حرم داعش الموسيقى والفن والكتب غير القرآن. و في إحدى الحالات، تم قطع رأس طفل يبلغ من العمر 15 عامًا للاستماع إلى موسيقى البوب الغربية.
ولهذا السبب، فإن إعادة إحياء المدينة اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً يتطلب استعادة تراثها الفني والفكري، الذي تمكن بعض الناس، في كثير من الأحيان على مسؤوليتهم الشخصية، من انقاذها خلال تلك السنوات.