“كل العائلات في الرقة أو دير الزور أو شمال العراق – تحتفل.” هكذا كانت ردّة فعل رجل سوري فيما كان ينتشر خبر وفاة أبو بكر البغدادي، زعيم داعش السابق، الذي توفي انتحاراً خلال غارة على المجمع الذي كان يحتمي فيه.
وإثر فترة فاصلة، أعلن داعش عن تعيين زعيم جديد، أبو إبراهيم الهاشمي القرشي – وهو الرجل الذي نعرف الآن أن اسمه الحقيقي هو محمد عبد الرحمن المولى الصلبي. لا يزال القليل نسبياً معروفاً عن المولى، والذي لا يتجاوز تفاصيل سيرته الذاتية. تأتي المعلومات الأكثر جوهرية والتي دخلت المجال العام من أوراق رفعت عنها السرية والتي تم الإبلاغ عنها على نطاق واسع في جميع أنحاء الشرق الأوسط، والتي تكشف عن تفاصيل ملفتة للنظر عن المعلومات المتعلقة بزملائه الإرهابيين الذين تطوع معهم، أثناء فترة احتجازه من قبل الولايات المتحدة في عام 2008.
وكان من بين الذين خانهم المولى على ما يبدو من قبل، كبار قادة الجهاديين الذين قُتلوا في وقت لاحق في ضربات محددة الأهداف. “إن الكشف العلني عن تخلي المولى عن أسماء كثيرة طواعيةً قد يثير المشاكل أيضاً لشرعية المولى،” وفقاً لما أوردته قناة العربية الشهر الماضي، نقلا عن خبير أشار إلى أن العلاقة المباشرة بين معلومات استخبارية أدلى بها المولى طواعيةً ووفاة مسؤولين كبار في داعش هو: “احتمال واضح بالنظر إلى موقعه في التنظيم بأن لديه بالتأكيد معلومات قيمة.”
ومع ذلك، بينما ترخي علامات الاستفهام التاريخية حول موثوقية المولى بظلالها على قيادته بشكل متزايد، سوف يكون لاستمراره في الاستخفاء، ذات الأثر. وعقب توليه هذا المنصب، قامت مجموعة دعائية موالية لداعش سابقاً بتوبيخ أولئك الذين يقدمون ولاءهم للمولى على أسس دينيّة مفادها أنه لا تجوز “طاعة كيان غير موجود أو مجهول.” ومنذ ذلك الحين، لم يظهر المولى بعد في أي دعاية تسجيلية مصوّرة أو صوتية. إن عدم تقديمه كلمة واحدة لتوجيه أو استعادة الروح المعنوية لأتباعه أمر فيه إشكالية – كما أشار الأكاديمي شيراز ماهر: “إن جزءاً من الأساطير المحيطة بمفهوم الخليفة هو أنه معروف في العلن وليس مخفياً بعيداً في احتجابٍ ما.”
وقد يكون غياب القيادة المرئية هذا بمثابة تآكل للروح المعنوية داخل حركة، والتي، باعتراف المتحدث باسمها أبو حمزة المهاجر في خطاب ألقاه مؤخراً، شهدت نكسات عبر خليط المنتسبين إليها – مقدمةً لفلولها في العراق العزاء الوحيد أنّ “عليهم أن يعلموا أن المحن تزداد بالإيمان.”
كان ظهور أبو بكر البغدادي نادراً، لكنه كان ذو قيمة رمزية هائلة. أعاد أنصار داعش تكرير صورٍ من خطابه الشائن في مسجد النوري في الموصل إلى ما لا نهاية، وظهوره الأخير بزي القتال واللحية المصبوغة بالحنّاء.
واليوم، لا يملك أنصار داعش مثل هذه الصور حتى تلهمهم. قد تكون الحملة الأخيرة على تطبيق تيليغرام للرسائل المشفرة لتشجيع أنصار داعش على تجديد البيعة (الولاء) مؤشراً على توترٍ شديد. ومع اقترابه من الذكرى السنوية الأولى لترشيحه للقيادة، قد تتزايد الأسئلة حول طول الفترة التي يمكن أن يطالب فيها شخصٌ مجهول (غير معروف) بمصداقية بولاء حركة مجزأة ومفتتة بشكلٍ متزايد.