ملفات المولى – تحليل من التحالف الدولي

زعيم داعش محمد سعيد عبد الرحمن المولى – المصدر: وزارة الخارجية الأمريكية


بعد مرور عام تقريبًا على وفاة زعيم تنظيم داعش السابق أبو بكر البغدادي، يدأب الأكاديميون والصحفيون في جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه على تحليل اكتشافات جديدة حول ماضي زعيم تنظيم داعش. تكشف وثائق رفعت عنها السرية ونشرها مركز مكافحة الإرهاب في ويست بوينت أنه في عام 2008، أثناء احتجازه لدى الولايات المتحدة، تطوع محمد سعيد عبد الرحمن المولى (المعروف أحيانا باسم “حجي عبد الله”) بتقديم كمية كبيرة من المعلومات حول ما يصل إلى 68 شخص من زملائه في تنظيم داعش السابق، المعروف آنذاك باسم تنظيم القاعدة في العراق. وأفادت وسائل الإعلام بما في ذلك الوطنية الإماراتية أن أحد كبار قادة تنظيم القاعدة في العراق قد تم استهدافه بنجاح نتيجة للمعلومات التي قدمها المولى.

في الساعات التي تلت نشر الملفات، استكشف المعلقون سلسلة من المعلومات التي يمكن أن تقوض قيادة المولى. تتابع تقارير الاستجواب التي رفعت عنها السرية والتي توضّح تفاصيل المعلومات التاريخية للمولى انزعاجًا جهاديًا قائمًا مسبقًا حول افتقاره للأهمية – إذ وبّخت مجموعة الوفاء الدعائية الموالية لداعش سابقًا أولئك الذين تعهدوا بالبيعة (قسم الولاء) للمولى، مستشهدين بقول رجل الدين الإحيائي ابن تيمية الذي جاء فيه “أمر النبي بالطاعة للقادة الموجودين والمعروفين، لا طاعة لغير موجود أو مجهول”. ومن الغريب أن هذه التقارير تشير إلى أن المولى نفسه أعلن أنه لم يتعهد بالبيعة لقيادة تنظيم القاعدة في عام 2008، بسبب مخاوف على سلامته.

أثار بعض النقاد الخارجين من صفوف تنظيم داعش شكوكًا حول العملية التي تم من خلالها اختيار المولى، ولم يتقبلوا فكرة أنه يستطيع قيادة الحركة، نظرًا لوضعه كشخص مجهول. وشكك آخرون في مؤهلاته، مشيرين إلى أنه على عكس سلفه يبدو أن هناك أدلة ضئيلة على أن المولى يحقق المعايير الأساسية التي يطلبها داعش من أكبر قادته. أثار إلحاق لقب “القرشي” باسمه حالة من الاستغراب، وهو يشير إلى نسب مفترض لقبيلة مرتبطة بالنبي محمد. على الرغم من ادعاءاته بالحصول على شهادات دراسية، إلا أن هناك القليل من الأدلة على حصوله على مؤهلات دينية عليا.

وسيتابع المراقبون باهتمام ما إذا كانت خيانات المولى السابقة قد غُفرت من قبل كبار تنظيم داعش. ومع ذلك، تكشف مصادر متعددة أن المصلحة الذاتية والصراع الداخلي (الذي يطلق عليه أحيانًا الفتنة) قد أدت إلى تمزيق داعش لفترة طويلة، حتى قبل وفاة البغدادي. وتكمن هذه الانقسامات في مجالات متعددة، من الخصومات بين الزمر والجماعات العرقية المختلفة إلى المعسكرات الأيديولوجية المتحاربة. إذ تطورت الخلافات حول مسألة التكفير بين ما يسمى بمعسكر بن علي والحازمية في السابق إلى صراع مفتوح، في حين ظهرت أيضًا اتهامات متبادلة بشأن استراتيجية داعش الفاشلة. تضمنت الأعمال العدائية ما تردد عن محاولة من قبل مقاتلين إرهابيين أجانب من شمال أفريقيا لقتل البغدادي خلال تبادل إطلاق نار “مكثف” اضطر خلاله حراسه الشخصيون إلى حمايته من كمين نصب لهم من داخل صفوفهم.

في حين تتصارع مجموعات داعش حول ما إذا كان يجب مواجهة أو تبرير خيانات المولى السابقة، فإن الأكثر إدراكًا بينهم سوف يطرح أسئلة أكثر عمقًا. هل خيانة زعيم داعش هي شذوذ سيجعله معزولًا عن رفاقه الجهاديين؟ أم أنها بالكامل من سمات حركة أخفقت فيها العروض السطحية للأخوية بشكل متزايد في سد الفجوات الواسعة من عدم الثقة؟

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك, يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد