على مدار العامين الماضيين، يبدأ الدكتور أصفري * مناوبته في مستشفى عام محلي بتقييم الإمداد المحدود من الأكسجين الطبي. بصفته رئيس قسم الأطفال حديثي الولادة في المستشفى، كان الدكتور أصفري قلقًا في كثير من الأحيان من وصول مريض بحاجة للأكسجين بعد استهلاك آخر أسطوانة أكسجين في المستشفى.
وأوضح الدكتور أصفري قائلًا “دون إمدادات كافية من الأكسجين، لا تستطيع المستشفيات تقديم حتى الخدمات الأساسية”.
عانت المستشفيات في منطقة دير الزور في شمال شرق سوريا من ارتفاع الطلب وانخفاض الإمداد بالأكسجين لسنوات، ولكن مع ظهور فيروس COVID-19، أصبحت الحاجة ملحة. يقدر الدكتور أصفري أن ما يقرب من 60 بالمائة من الأطفال الذين يزورون المراكز الصحية يعانون من مشاكل في الجهاز التنفسي.
وأضاف الدكتور أصفري “بوجود فيروس COVID-19، يوجد طلب متزايد على الأكسجين الطبي بسبب ارتفاع معدل انتشار الربو وأمراض الجهاز التنفسي الأخرى”.
معوقات العلاج بالأكسجين في دير الزور
دون وجود إنتاج محلي لهذه السلعة الصحية الأساسية، أدت ندرة هذه السلعة وارتفاع الطلب عليها إلى تفاقم المشكلة. حيث اضطرت المستشفيات إلى استيراد أسطوانات الأكسجين من المحافظات المجاورة، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار وترك المنطقة تعاني من نقص عام.
قد يكلف تلقي الأكسجين في مستشفى في دير الزور ما يصل إلى 10 دولارات في اليوم، وهو سعر بعيد عن متناول معظم السوريين المحليين. أوضح الدكتور عبد الفتاح *، اختصاصي أمراض الرئة في مستشفى عام محلي، أن العائلات اضطرت إلى بيع ممتلكاتها المنزلية من أجل توفير الأوكسجين. أدت تكاليف النقل والطلب المرتفع إلى تحويل سلعة صحية أساسية إلى رفاهية.
سد الفجوة
بمثابة جزء من جهود التحالف لاستعادة الوصول إلى الخدمات الأساسية التي تلبي احتياجات المجتمع وبناء القدرات المحلية ودعم المجتمعات لإعادة البناء، عملت الجهات المنفذة مع السكان وأعضاء اللجنة الصحية المحلية لتحديد الاستثمارات المناسبة لمعالجة نقص الأكسجين الطبي. حيث دفعت قصص مثل قصة الدكتور أصفري حكومة الولايات المتحدة للشراكة مع لجنة دير الزور الصحية لإعادة تأهيل مستودع قديم وتحويله إلى مصنع لإعادة تعبئة الأكسجين الطبي.
وبدعم من حكومة الولايات المتحدة، أصلحت اللجنة الصحية في دير الزور المبنى وجهّزت فيه وحدة لضغط وتنقية الهواء ووحدة فصل أكسجين ووحدة توزيع وتعبئة.
يُنتج المصنع الجديد الآن ما يقرب من 100 أسطوانة أكسجين طبي خلال ثماني ساعات؛ وتُوزع بعد ذلك اسطوانات الأكسجين التي يتم الحصول عليها من مصادر محلية على المستشفيات المحلية.
يُعلق الأطباء وأعضاء اللجنة الصحية في دير الزور آمالًا كبيرة على المصنع الجديد. بالإضافة إلى توفير الأكسجين المنقذ لحياة المرضى، فإن اللجنة لديها خطط أيضًا لاستخدام هذا المورد الجديد للمساعدة في تمويل التحسينات المستمرة للرعاية الصحية.
وقالت آية *، القيادية في لجنة دير الزور الصحية “بعد التغلب على نقص الأكسجين في المستشفيات العامة والمراكز الطبية، سنبيع الفائض إلى المستشفيات الخاصة وربما الصناعات الأخرى التي تتطلب الأكسجين”. سيصبح مصنع الأكسجين، الذي كان يمثل قصورًا في عمل اللجنة، مصدرًا مستدامًا للدخل.
وسيواصل التحالف العمل مع الشركاء المحليين لإعادة تأهيل البنية التحتية الصحية وتعزيز النظم الصحية المحلية وتقديم الخدمات الصحية للمجتمعات.