عمل داود، وهو مزارع في دير الزور، منذ نشأته في زراعة القطن والقمح في وادي نهر الفرات. وفي عام 1998 قرر تنويع أعمال أسرته باستخدام قسم من أرضهم لإنشاء مشتل زراعي.
كان مشتل داود هي الوحيد في قريته وسرعان ما بدأت تظهر بوادر نجاح قراره التجاري. وفي السنوات التالية، ازداد نجاح المشتل حيث باع آلاف الأشجار في جميع أنحاء دير الزور وفي المحافظات المجاورة. وقال داود إن “المشتل أنتج سنوياً ما يتراوح بين 700 ألف ومليون نبتة وكان يعمل فيه ما بين 20 و30 شخصاً”.
لكن بدأ كل شيء يتغير في عام 2012. فقد أنهت مجموعات من المعارضة المسلحة سيطرةَ الحكومة السورية على المنطقة، وأُجبر العديد من الناس على الفرار من المنطقة. وبعد عامين ظهر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في المنطقة، مسبباً المزيد من العنف والتشريد. وقال داود ” أصبحت المنطقة منكوبة، وأدى ذلك الى تدمير كامل للمعنويات. وانخفض إنتاج مشتلي بنسبة 75 بالمئة”. ومع استمرار القتال، قرر داود وعائلته مغادرة منزلهم وترك مشروعهم التجاري بحثاً عن الأمان.
وبعد سنوات، بعد طرد داعش من المنطقة، عاد داود إلى مزرعته، ليجد مشتله مدمراً. وكذلك وجد سبعة آخرون من أصحاب المشاتل في وادي نهر الفرات الأوسط أنفسهم في الوضع ذاته، ولم يكن لدى أي منهم الموارد أو المعدات اللازمة لإعادة إنشاء مشاتلهم. وفي غياب المشاتل اللازمة لتوفير الشتلات، لم يكن لدى المزارعين ومنتجي الأغذية ما يزرعونه – وأدى ذلك بالتالي إلى تقليص فرص تأمين الغذاء والفرص الاقتصادية في جميع أنحاء المنطقة. يقول صاحب مشتل في دير الزور: ” كان استئناف عملنا أصعب علينا لأن معظم المعدات التي كنا بحاجة إليها لم تكن ميسورة التكاليف”.
وفي إطار جهود التحالف لتحقيق الاستقرار ودعم التعافي الاقتصادي في سوريا، دخلت الحكومة الأمريكية في شراكة مع أصحاب أعمال محليين ومنظمات المجتمع المدني لتحفيز قطاع البستنة في دير الزور.
فقد اجتمع مسؤولون أميركيون مع أصحاب المشاتل لتقييم ما يحتاجونه لاستئناف أعمالهم. وبعد الاستفادة من مدخلات مهمة قدمها أصحاب المشاتل في المنطقة، مكن الدعم الذي قدمته الولايات المتحدة الشركاءَ السوريين المحليين من جمع وتوزيع حزم المساعدات التي تضمنت أدوات زراعية ومواد لبناء البيوت الزجاجية.
يؤكد داود: “إن الدعم الذي قدمه البرنامج زاد من القدرة المالية لمشروعي التجاري. وقد ساعدني ذلك على وضع الأساس للمستقبل”.
وقد نتج عن هذه المبادرة آثار إيجابية في مختلف المجتمعات المحلية. حيث أشار أحد التجار الزراعيين المحليين إلى تأثير ذلك على توسيع نطاق عمله، قائلاً:” بفضل الزيادة في إنتاج الأشجار والأصناف النباتية المختلفة، فضلاً عن انخفاض التكاليف، تمكنت من شحن الأشجار إلى مناطق أخرى كالرقة والحسكة والقامشلي”. كما تحسنت هوامش ربحه نتيجة لهذا الدعم. “يمكنني بيع منتجاتي بسعر أقل، وهو ما يشجع الزبائن على شراء كميات أكبر. وبالتالي، زادت أرباحي. لقد تحسن وضعي المالي، فأنا أكثر أمناً من الناحية المالية”.
وبالنسبة لداود وعائلته، لم يكن أثر هذه المساعدة مادياً فحسب. يقول داود: “لقد عاد إلي الأمل في حياة كريمة لعائلتي بعد بؤس الحرب”.
أصبح المستقبل أكثر إشراقا بالنسبة إلى داود وعائلته لأن مشروعهم بدأ بالتعافي وأصبح مصدر رزقهم أكثر استقراراً. ونظراً إلى الاعتماد الكبير على الزراعة، يعد الاستمرار في إنعاش هذا القطاع ضرورياً لتعزيز بيئة آمنة ومستقرة في دير الزور. وفي الأشهر القادمة، تتوقع الولايات المتحدة إطلاق المزيد من أنشطة سبل العيش الزراعية في المحافظة.