في 2021، أصبحت القوة الجوية العراقية القوة الرئيسية الضاربة في البلاد، حيث تلاحق وتدمِّر فلول تنظيم داعش ومخابئهم المتبقية. منذ الهزيمة الجغرافية للتنظيم في 2017، قدمت قوات التحالف الدولي دعماً لوجستياً وعملياتياً هائلين للقوة الجوية العراقية. لكن قوات التحالف اتخذت مؤخراً دوراً ثانوياً بينما كانت المَقدرات الجوية العسكرية للعراق تزداد قوة يوماً بعد يوم.
“وحديثاً، قررت القوة الجوية العراقية ضرب معقل معروف للعدو باستخدام مختلف الأسراب والأسلحة، دون إعلامنا بتوقيت حدوث ذلك” كما صرح المقدم إد، وهو عضو فرنسي في المجموعة الاستشارية العسكرية. وأضاف: “عملية اتخاذ القرار هذه مستقلة للغاية.”
ومع حلول النصف الثاني لعام 2021، تولت القوة الجوية العراقية زمام الأمور على نحو كبير في تنفيذ ضربات جوية مستقلة ضد أهداف داعش. وفي الواقع، فقد شنت ما بين حزيران/يونيو وكانون الأول/ديسمبر 2021 عدداً أكبر من الضربات الجوية مما شنته قوات التحالف (غير العراقية) في ذات المدة من العام 2020. وتمثل تلك القدرة على تخطيط وإجراء عمليات مستقلة، خطوةً كبيرةً إلى الأمام للقوة الجوية العراقية نحو تحقيق الاعتماد على الذات، وبالتالي منح العراق “قدرة ديناميكية على الضرب” ذات مصداقية سوف تساهم إلى حدٍ كبير “في نجاح مهمة مكافحة تنظيم داعش،” كما صرح شون أودونيل، المفتش العام الرئيسي في قوة المهام المشتركة لعملية العزم الصلب.
في 2015، في ظل أزمة أمنية وطنية وبوجود قوة جوية تعوزها الجهوزية القتالية، التمست حكومة العراق المساعدة الدولية. ومنذ تلك اللحظة، غدا التعاون والعمل المشترك بين حكومة العراق والتحالف الدولي في الوقت الراهن جوهرياً لضمان قدرة القوة الجوية العراقية بالاعتماد على نفسها. وأوجز اللواء تحسين خفاجي – الناطق الرسمي باسم قيادة العمليات المشتركة العراقية ، أوجز دور التحالف في دعم القوة الجوية العراقية على نحو جوهري، لافتاً إلى أن “التحالف قدّم قروضاً وأدوات تدريب إضافية فضلاً عن الخدمة الاستشارية لتحسين قدراتنا.”
وكان الحصول على طائرات عسكرية حديثة حاسماً في مساعدة القوة الجوية العراقية على تحقيق استقلال تنفيذي لقدرتها الخاصة على توجيه ضربات. فمنذ عام 2011، حصلت القوة الجوية العراقية على طائرات مقاتلة من طراز إف-16، وطائرات مقاتلة من طراز سوخوي-25 وطائرات مقاتلة خفيفة من طراز L-159. وقد مكنت هذه الطائرات القوة الجوية العراقية من “تنفيذ سلسلة من العمليات والضربات الجوية الدقيقة للغاية،” بحسب ما صرح به الخفاجي. وتعد الدقة أساسية، إذ بين عامي 2016-2018، اضطرت القوة الجوية العراقية للاعتماد كثيراً على “طائرات الشحن” الأقل فعالية لإجراء حملاتها ضد تنظيم داعش.
بينما كانت المساعدة المادية أساسية لخلق برنامج العراق لطائرات إف-16، منح التدريب الذي قدمه شركاء التحالف داخل وخارج العراق عناصر القوة الجوية العراقية المعرفة والمهارات والخبرة لقيادة القتال الجوي ضد تنظيم داعش. فعلى سبيل المثال، وتحت إرشاد الفرقة الاستشارية الجوية السادسة التشيكية، زادت الفرقة العراقية رقم 115 من عدد الضربات الجوية التي أجرتها باستخدام طائرات L159 التشيكية الصنع. فباستخدام هذه الطائرات المقاتلة الخفيفة الاقتصادية التكلفة، شنت القوة الجوية العراقية نحو 20 ضربة جوية ما بين حزيران/يونيو وكانون الأول/ديسمبر 2021، مدمرة العديد من مخابئ الأسلحة والمخابئ المحصنة لتنظيم داعش في أنحاء محافظة ديالى كافةً.
ومع ذلك، فللنجاح أيضاً تحدياته الجديدة. وكما هو حال العديد من القوة الجوية المتقدمة في العالم، يتعين على القوة الجوية العراقية الآن تعلم كيفية إدارة وصيانة أسطول مكلف من العتاد العسكري لمواجهة التهديدات الأمنية دائمة التغير في ظل الواقع السياسي الداخلي واضطراب الاقتصاد العالمي. فبينما ينتقل التحالف إلى مهمة إسداء المشورة والمساعدة والتمكين، يوضح الخفاجي دور القوة الجوية العراقية: “حماية أجوائنا وحدودنا من أي اختراق.”