يمكنكم الاستماع لهذه الحلقة والحلقات القادمة على Apple Podcasts, Spotify, Stitcher, iHeart Radio, TuneIn & Alexa..
نانسي: معي اليوم على الهاتف بريدجيت ناكوس، وهي صحفية ومؤلفة وأكاديمية مقتدرة. وهي هنا لتحدثنا عن آلة داعش الدعائية، وعن أهمية تغطية الإرهاب إعلامياً، وعن كيفية مواجهة التهديد الفكري الذي يمثله داعش. شكراً على وجودك في البرنامج، بريدجت. في البداية، هل بإمكانك أن تحدثيني عن نشأة وكيفية اهتمامك بالإرهاب والإعلام؟
بريدجت: منذ وقت طويل، كنت أعمل كصحفية في ألمانيا وكنت أعرف الكثير عما حدث منذ أواخر الستينيات وحتى أواخر الثمانينات مع فصيل الجيش الأحمر ومجموعات مماثلة في أوروبا وكنت دائمًا على دراية بكيفية التغطية الإعلامية المركزية للإرهابيين والتي لا تزال بالتأكيد على حالها. في الواقع، تعد عصابة بيدر ماينهوف مثالاً جيداً. كانت ماينهوف صحفية لذا عرفت جيدًا كيف يعمل نظام وسائل الإعلام. على سبيل المثال، كانوا يفضلون أن يهاجموا في أواخر الأسبوع لأنهم كانوا يعرفون أن إضافات نهاية الأسبوع تضع عددًا كبيرًا من الإعلانات في فترة الأخبار، والتي كانت طويلة جداً. ولكن ذلك كان في الأساس لمراقبتها فقط. في النهاية أردت أن أرى ما إذا كان هذا شيئاً منهجيًا ولذا بدأت مشروعًا للتحليل المنهجي للتغطية الإعلامية للإرهاب حتى نتمكن من توثيقه. وبعد الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، من المستحيل النظر فقط إلى الإعلام بشكل منفصل. عليكِ أن تفهمي الكثير من الأشياء الأخرى حول الإرهابيين والإرهاب، لذلك بدأت في دراسة المزيد والمزيد حول الإرهاب ومكافحة الإرهاب بشكل عام. وبعد الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، لم أعد أمارس كأمر ثانوي، لكنني كرست معظم وقتي، وليس كله، للبحث في هذا المجال.
نانسي: خلال هذه الفترة، هل شاهدت تطوراتٍ كبيرة منذ الجيش الأحمر ومن ثم الحادي عشر من أيلول/سبتمبر وداعش الآن؟ وكيف تغير تلاعب المنظمات الإرهابية في طريقة إيصال رسائلهم؟
بريدجت: أنا أعمل الآن على توثيق تاريخ الإرهاب والاتصالات، ولا بد لي من القول أن الإرهابيين كانوا دائمًا على وعي بالاتصالات وقادرون على استغلالها. ما تغير مع مرور الوقت، وخاصة في العقد الماضي وأكثر، هو أن تقنية الاتصالات قد تغيرت بشكل كبير. في كل خطوة من مراحل التغيير عبر التاريخ الحديث، تاريخ الإرهاب الحديث الذي يبدأ بالفوضويين في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، كان الإرهابيون دائمًا من بين أول من تبنوا تقنيات الاتصال الجديدة. بالطبع، ما لدينا في أعقاب وسائل التواصل الاجتماعي لا سابق له. لدى الإرهابيين الآن الكثير من الوسائل، ليس فقط لإيصال رسائلهم الخاصة، ولكن أيضًا لجذب أكبر تغطية إعلامية رئيسية.
نانسي: إذن الكل يفهم على العموم أنّ ظهور وسائل التواصل الاجتماعي قد أثّر على مشهد الإرهاب ومكافحة الإرهاب. ولكن هل أثّر الإرهاب أو المنظمات الإرهابية على منصّات التواصل الاجتماعي ربما؟ أو على تطور هذه الوسائل؟
بريدجت: لست متأكدة تماماً، ولكن هناك دائماً منصات أخرى، وقد رأينا في الماضي القريب أن الإرهابيين قد ابتعدوا نوعاً ما عن المنصّات الرئيسية بسبب وجود ضبط أكثر الآن، كما تعلمين. ولدى الحكومة الألمانية الآن قانون يجبر شركات وسائل التواصل الاجتماعي في أي وقت، وضمن إطار زمني محدد مسبقاً، على إزالة جهات اتصال معينة. لذلك، أعتقد أن الإرهابيين قد تعلموا أن عليهم أن ينتقلوا إلى شبكة الانترنت المظلم. لكنني لست متأكدة تماماً من أن وسائل التواصل الاجتماعي قد تغيرت بسبب الإرهاب.
نانسي: في هذا المعنى، هل من المبكر القول بأن تغييراً قد طرأ على طريقة نقل الإعلام، أو على وسائل التواصل الاجتماعي، إثر هجمات كرايست تشيرش على وجه التحديد؟
بريدجت: هذا سؤال جيد جدًا. تلقيت هذا الصباح رسالة بريد إلكتروني من صحفي في نيوزيلندا لا أعرفه، وقد أخبرني أن هناك غدًا جلسة استماع في قضية حادثة كرايست تشيرش. سألني كيف أعتقد أنه ينبغي تغطيتها. هذا لم يحصل ابداً من قبل. أعتقد أنه يمكن لحالة نيوزيلندا أن تصبح نموذجًا لكيفية تغطية الإعلام للحوادث الإرهابية. انظري، قلت لكي من قبل، لقد أمضيت الكثير من الوقت في الصحافة. بالطبع، يجب على الإعلام الحر في ظل الديمقراطية أن يغطي الأحداث الإرهابية بعد حدوثها، أياً كانت. والسؤال هو، كيف يغطيها وكم يغطي منها؟ أجد أنه من المدهش أن نيوزيلندا بعد هذا الحادث المروع، وأول ما حدث هو أن رئيسة الوزراء قالت إننا لن نذكر اسم الجاني. هذا مهم للغاية لأنه وفقاً لما كتبه في بيانه ولكل ما أعرفه من العديد من الحوادث الماضية، هؤلاء الناس يريدون قدرا كبيرا من الاهتمام والترويج. إذا حرمتهم من ذلك، وأنا لا أنكر أنه لم يعد هناك وجود لهجمات منفردة، لكنني أعتقد أنها طريقة جيدة جدًا لحرمانهم من الاهتمام الذي ينشدونه. وقد يمنع حدوث التقليد كما حدث معنا سابقاً.
نانسي: إذن هل تعتقدين بأنه ينبغي فرض معايير على وسائل الإعلام التي تنقل أخبار الإرهاب؟
بريدجت: لا، لا ينبغي فرضها. لا أريد أية رقابة أو قوانين تجرّم الإعلام، لكني أعتقد بأنه يبدو لي، على الأقل في نيوزيلاندا الآن، بأنّ الصحفيون أكثر وعياً لما ينبغي أن ينقلوه وطريقة هذا النقل. يجب أن يأتي هذا من الإعلام نفسه. أعتقد أن المسؤولية تأتي بالضرورة مع حرية الصحافة. وأنا أكثر من سعيدة إزاء حالة نيوزيلاندا، ومن الآن فصاعداً سوف أتابع تغطيتهم بشكل أكبر عن كثب، كما ذكرت سابقاً، عن أنّ ذلك قد يصبح نموذجاً. لست ساذجةً الآن حتى أقول أنّ العديد من المنظمات الإعلامية قد تقلد ذلك النهج. قد يحدث بعض التغيير بمرور الزمن.
نانسي: بحسب رأيك، هل تعتقدين أنّ المشهد الإعلامي الراهن يساعد أو يدعم برنامج عمل الإرهابيين، حتى ولو بشكل غير مباشر؟
بريدجت: نعم، وهذه نقطة مهمة. الأبحاث اليوم، أبحاث التواصل في الإرهاب، موجهة بشكل أساسي فقط إلى التطرف العنيف عبر الإنترنت، وعلى التطرف اليميني أيضًا، وهو أمر جيد بالطبع لأنه تم تجاهله لسنوات عديدة. ومع ذلك، يجب ألا نتجاهل وسائل الإعلام الرئيسية. أعتقد أنه قد يكون من المهم، إن لم يكن أكثر أهمية، إخبارنا بذلك. أنا متأكدة من أنك تابعت داعش كثيراً. وبطبيعة الحال، انخفض إنتاجهم الإعلامي بشكل كبير منذ أن فقدوا كل أراضيهم. كانوا دائمًا يهاجمون وسائل الإعلام الرئيسية، وعندما أنظر إلى المنظمات الإرهابية في الماضي، فقد كانوا مهووسين لفترة طويلة بوسائل الإعلام الرئيسية. هم بحاجة إلى وسائل الإعلام الرئيسية لإيلاء الاهتمام لهم، ولنقل أسبابهم، ومبرراتهم. خذي فقط قضية كرايست تشيرش. معظم الناس لم يجدوا بأنفسهم الفيديو الذي بثه الرجل. الآن عندما استيقظت بعد بضع ساعات، حصلت عليه في غضون حوالي دقيقتين وأنا متأكدة من أنك حصلتي عليه. ولكن عرف 99% من الناس أو أكثر عمّا كان في الفيديو وفي البيان من خلال وسائل الإعلام الرئيسية.
نانسي: هذا النقل، هل تعتقدين أنه متعلق فقط بالأحداث التي تتم تغطيتها؟ أم هل يعتمد على طريقة التغطية؟ على سبيل المثال، المصطلحات التي يتم استخدامها، عندما استخدم الإعلام مصطلح “الذئب المنفرد”، هذا ما يعتبر الانتحاري نفسه. أو مثلاً في المصطلحات الدينية استخدام كلمة جهاد، والتي تعني في الواقع نوعاً من أنواع “الجهد” أو الابتهال.
بريدجت: نعم، هذا مهم جداً. أعتقد أن تسمية داعش “بالدولة الإسلامية،” يعطيه شرعية معينة أو عندما تسمينه بالخلافة، فهذا مصطلح مشروع أو الخليفة أو بالبغدادي. ومن السيء عندما يقوم الإعلام ببساطة باستخدام المصطلح الذي يحبه الإرهابيون. يحب الإرهابيون، على العموم، استخدام مصطلحات تجعلهم يعتقدون أنهم ينتمون إلى العسكر، أو الجنود أو القادة. ومن غير الجيد أن يكرر ذلك الإعلام بشكل أعمى، والسلطات، والذين يعملون على مكافحة الإرهاب، وغالباً الساسة الذين يفتقرون إلى معلومات أعمق لكنهم يتحدثون عنها إلى عامة الشعب. أعتقد بضرورة وجود وعي أكبر. اللغة مهمة، إنها هامة جداً. أنا سعيدة لأنك أثرت هذه النقطة.
نانسي: حسناً، سأنتقل لسؤالي الأخير. كما تعلمين، أحد جهود التحالف الخمسة هي الاتصالات وهزيمة فكر داعش. ما أهم ثلاثة أشياء بإمكان التحالف القيام بها في ال 12 شهراً المقبلين لمواصلة النجاح ضد دعاية داعش؟
بريدجت: أعتقد أنه يجب مواجهة سردهم؛ يجب محاربة الناس الموثوقين المتواجدين في حلقات قابلة للتطرف ومن قد تطرفوا فعلاً. وأعتقد أن أولئك فقط أشخاص قد تركوا مجموعاتٍ كداعش. على نحو مثالي، أميل إلى التفكير أنّه لا بد أن يكون هؤلاء مسلمون قد أصبحوا متطرفين وقد عرفوا أن تلك الطريقة غير مناسبة. لا أعتقد أنه بإمكانك أو بإمكاني التحدث إليهم؛ بإمكاننا إسداء النصح، قد نعرف نوعية الدعاية الفعالة لكن الناس الذين قاموا بالتنفيذ فعلاً ينبغي عليهم ان يكونوا موثوقين جداً، وأن يكونوا مسلمين أيضاً، وأن يكونا قد مروا بتجارب مماثلة. فلو كنت مضطلعة بمهمة محاربة الإرهاب في هذه القضية بالتحديد، فهذا ما أسوف أقوم بالتركيز عليه.
نانسي: بريدجت ناكوس، شكراً جزيلاً على وقتك وعلى نظرتك المتعمقة الرائعة. كان من دواعي سروي فعلاً الحديث معك اليوم.
بريدجت: كان من دواعي سروري أيضاً. شكراً جزيلاً.
نانسي: شكراً