يمكنكم الاستماع لهذه الحلقة والحلقات القادمة على Apple Podcasts, Spotify, Stitcher, iHeart Radio, TuneIn & Alexa..
نانسي:
لدينا اليوم كورادو كاتسي على الهاتف. يعمل كورادو كمنسق في وحدة الإنتربول للأعمال الفنية. ويقود جهود منظمة الشرطة العالمية لحماية الأعمال الفنية والتراث الثقافي من الجريمة. وسوف نطلب منه اليوم التركيز على تهريب داعش للتحف الأثرية والفنية: ملامح هذه الصناعة، والأسباب الداعية للقلق، وكيفية إيقافها. كورادو، هلّا تفضلت بشرح دورك في الإنتربول وعلاقته بتمويل داعش ومكافحة تمويله؟
كورادو:
أجل، يتضمن دوري تنسيق كافة المعلومات التي تصل إلى الإنتربول من بلدان أخرى، وتحليلها، ومحاولة فهم كيفية مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية. وواجبي هنا في الإنتربول لا يقتضي فقط مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية التي تمول الإرهاب أو الإرهابيين كما هو منصوص في قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بل يتضمن أيضاً مكافحة الجريمة المنظمة على شاكلة تلك الجرائم، وكافة الجوانب المختلفة للجرائم التي لا تمت بصلة لها في هذا المجال.
نانسي:
مع كم بلداً أو من خلال كم بلدٍ تعملون؟
كورادو:
ضمن الإنتربول، لدينا 194 من الدول الأعضاء. حيث نشكل أكبر منظمة للشرطة حول العالم.
نانسي:
ما مدى تهريب داعش للتحف الأثرية؟ وكم كانت قيمة هذه الصناعة بالنسبة داعش في أوجها؟
كورادو:
هذا سؤال جيد. في هذه اللحظة، يصعب كثيراً فهم ما يحدث هناك، وعدد الأشياء التي يتم التنقيب عنها أيضاً بطريقة غير مشروعة، وعدد الأشياء التي تم طرحها فعلاً في السوق الغير مشروعة. لماذا؟ لأنه لا يوجد أحد هناك، وعندما يتم العثور على قبر أو مواقع أثرية، تتعذر معرفة عدد الأشياء الموجودة في المنطقة الأثرية أيضاً. ويستحيل إعطاء رقم بالفعل لعدد الأشياء لهذا الكيان بشكل مؤكد. ما يمكننا رؤيته بما لا يدع مجالاً للشك هو أن هذه الظاهرة هامة وتؤثر على بلدان مختلفة. ليس فقط سوريا والعراق، لكن يوجد الكثير من البلدان التي تتعرض لهذه الهجمات ومواقع أثرية مختلفة يجري التنقيب فيها بطريقة غير مشروعة، وبطريقة منهجية لإيجاد أكبر كمية ممكنة من القطع وطرحها في الأسواق. لكن يتعذر إعطاؤك رقماً بصراحة، لا يستطيع أحد فعلاً إعطاء رقم دقيق لهذه الظاهرة.
نانسي:
ما نوعية البضائع التي يتم تهريبها وبيعها من قِبَل داعش؟
كورادو:
من الممكن تهريب كافة الأشياء التي يتعم العثور عليها. ومن الصعب أيضاً إيجاد هذه القطع في السوق الغير مشروعة. بالطبع، هناك سوق غير مشروعة ومن الممكن اعتراضها في أية لحظة، ومعرفة ما يتم التنقيب عنه بطرق غير مشروعة. بالطبع، في المواقع الأثرية عادة، يمكن إيجاد قطع عادية – أشياء الحياة اليومية – بالإضافة إلى قطع فنية رائعة أو هامة جداً. يستحيل علينا القول أنه يوجد نوع واحد. هناك أنواع متعددة؛ بضعها شائع، والبعض الآخر قَيِّمٌ بدرجة أكبر. وفيما يتعلق بالقطع الأثرية، يتحتم علينا ليس فقط أخذ قيمة القطع ونوعها بعين الاعتبار، لكن عندما تتم ممارسة هذا النشاط الغير مشروع على الأرض، يتم تدمير كل ما حولها، لا سيما التوثيق – ما يمكن للقطعة أن تخبرنا حول حضارة سابقة.
نانسي:
كيف يتسنى لداعش بيع هذه البضائع وإلى من يبيعها؟
كورادو:
هذا سؤال جيد. كما أخبرتكِ، يصعب إيجاد القطع في السوق الغير المشروعة في الوقت الحالي. ولا زلنا على غير دراية بمكان الجزء الأفضل لهذه الأشياء، وما إذا كانت في تأمين ما تنتظر وقتاً أفضل، أو إذا ما تم تهريبها مسبقاً إلى بلدهم، أو إذا ما تم بيعها مسبقاً وهي تنتظر وقتاً أفضل كي تظهر من جديد في السوق. بالتأكيد ما يمكننا تخمينه هو أن الكثير من صفقات البيع على الإنترنت تأتي من منطقة ما بين النهرين، والتي تشكل منطقة عظيمة نشأت فيها حضارتنا. يوجد الكثير من هذه القطع هناك. تكمن المشكلة في انخفاض قيمة هذه الأشياء أحياناً حيث لا يتم اتخاذ أي إجراء لصعوبة ذلك فعلاً. عادة على أي حال، يكون المشترون النهائيون مقتنون خاصون – يمكن أن يكونوا أشخاصاً مثلي، أو مثلكِ، أو مقتنون حقيقيون، أو أشخاصٌ مهتمون باقتناء قطع فنية، لا سيما القطع الفنية الأثرية.
نانسي:
هل يعلم من يشترون ذلك أنهم يمولون داعش أو أنهم يشكلون جزءاً من سوق غير مشروعة؟
كورادو:
هذا سؤال جيد. أشكرك على هذا السؤال الجيد. ينبغي أن يعلموا لأنه كانت هناك – ولا زالت قائمة – حملة هائلة لإذكاء الوعي حول ذلك من منظمة دولية، لكني لا أعرف ما يحدث. الناس، المقتنون في هذه الحالة، عندما يشاهدون قطعاً معينة، لا يفكرون بأن هذا العمل – عملهم – يمكن أن يمول إرهابيين، لكن مع الأسف، هذا ما يحدث. وفي حالة القطع الفنية التي تأتي من هذه المنطقة، تشريعات مجلس الأمن واضحة جداً لما يجب أن يتجنبوه، وإذا لم يفعلوا ذلك أعتقد أنهم ليسوا واعين لهذا المشكلة، وهي المشكلة الحقيقية.
نانسي:
أعتقد في هذه الحالة، أنه يوجد الكثير من الناس الذين لا يعرفون أنهم يشاركون في ذلك، ولا يفهمون تبعات أعمالهم. وهذا مشابهٌ نوعاً ما لذهابنا إلى السوق كي نشتري مجوهرات!
كورادو:
نعم، مع الأسف أنت على حق. إنه الشيء نفسه، لكن واجبنا يحتم علينا إذكاء الوعي حول المشكلة وأن لا نكلّ من ذلك. وأن نعبر عن هذا المفهوم ونعززه دائماً لإنه ضروري. لا يمكننا تحاشي فكرة أن طريقة حصول الإرهابيين على المال، والدخل هي من هذا النشاط. ولا يمكننا نسيان ذلك.
نانسي:
كيف تعثر السلطات على عمليات تهريب التحف الفنية وتكشف عنها؟ وهل يمكن للعامّة أن يقدموا يد المساعدة؟
كورادو:
نعم، نحن في الإنتربول، أسسنا في عام 1995 قاعدة بيانات للأعمال المسروقة والتي تتم تغذيتها بمعلومات تأتي من منظمة الشرطة الوطنية التابعة لنا من خلال مكتبنا المركزي الوطني. واليوم، لدينا في قاعدة بياناتنا للأعمال المسروقة 51,0000 قطعة من 134 بلداً. وضمن هذه ال 51,000 قطعة، 5000 تأتي من العراق، وسوريا، وأفغانستان وعلى الأشخاص التحقق من قاعدة بياناتنا، لأنها أيضاً مجانية، قبل شراء أي قطعة. عليهم فقط أن يطلبوا من خلال موقعنا اسم مستخدم وكلمة مرور حتى يتمكنوا من الحصول على الحق بالولوج إلى قاعدة بيانات الإنتربول وبعد ذلك بإسبوع، سوف يستلمون اسم مستخدم وكلمة مرور مما يمكنهم من التحقق من قاعدة بياناتنا فيما إذا كانت قطعة ما متأتية من منشأ غير مشروع أو لا قبل شراءها. بالطبع، إذا لم توجد قطعة ما في قاعدة بياناتنا هذا لا يعني أنها ليست مسروقة لأن ربما لم يتم التبليغ عنها للإنتربول. وتبقى هذه القطع على الصعيد الوطني وكما هي حال القطع الأثرية، إذا تم التنقيب عن قطعة بشكل غير مشروع، ولم يعرف منشاؤها غير المشروع لأنه لا أحد يعرف أنّ هذه القطع قد تم التنقيب عنها بشكل غير مشروع باستثناء المنقبين في بعض المناطق الأثرية. لكننا نحاول أن نقول في كل مكان ووقت، أنه ينبغي على من يريد شراء قطعة أن يتحقق من قاعدة بيانات الإنتربول بالإضافة إلى سجل وطني آخر للتثبت من المنشأ غير المشروع للقطع، للتأكد انه بشراء هذه القطع، هم لا يمولون الجريمة المنظمة أو الإرهابيين.
نانسي:
من الجيد جداً معرفة ذلك. ماذا يحدث للقطع فور العثور عليها؟ هل يتم إعادتها إلى بلاد المنشأ؟
كورادو:
هذا يعتمد على الحالة. عادة ينبغي إعادة القطعة المسروقة إلى مالكها. قد يكون المالك مقتنٍ خاص، أو متحف، أو منظمة دينية، أو دولة (كما هي الحال في القطع الأثرية التي جرى التنقيب عنها بطريقة غير مشروعة). لكن علينا أن ننظر إلى كل حالة على حدى، ليس من البساطة إعطاؤك طريقة مثالية. عادة ينبغي إعادتها. وعادة ما يحدث ذلك. في بعض الحالات لا يحدث ذلك.
نانسي:
بالنسبة للشركاء من قوات الشرطة – هل لديك أي اقتراحات بالنسبة لما يمكن القيام به علاوة على ذلك من حيث التدريب وبناء قدرات موظفي الجمارك وقوات الشرطة؟
كورادو:
شكراً جزيلاً على هذا السؤال. بالتأكيد، يتم أخذ هذا المجال في الحسبان أحياناً، إذا سمحتِ لي أن أقول ذلك بتلك الطريقة، تعتبر جريمة بأداة حادة لأننا اعتدنا أن نقول في فلم حول مقتنٍ مجنون، ومدمن على الاقتناء، يريد الحصول على قطعة فنية مذهلة كي يتمتع بها في مجموعته الخاصة. مع الأسف، إن الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية جريمة خطيرة تؤثر على كل أنحاء العالم – بلدان العبور باتجاه بلدان المقصد. إنها جريمة حقيقية ومع الأسف ليست وكالات الشرطة والجمارك على وعي بشكل كامل أحياناً بهذه الجريمة وهذه المشكلة. لا توجد ثقة كافية حول هذا الموضوع. لهذا السبب، من المهم جداً إذكاء الوعي حول هذا الموضوع، لا سيما أن الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية قد يمول الجريمة المنظمة عادة وقد يمول إرهابيين. حسناً، بالعودة إلى سؤالك. نعم، على الشرطة والجمارك المشاركة في التدريب والورشات التي تشرح هذه الجريمة بشكل جيد جداً. وأيضاً معرفة كيفية مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية. بالتأكيد، إن إحدى المواضيع الأساسية هنا في الإنتربول هي تشجيع جميع الدول الأعضاء على إنشاء وحدة شرطة خاصة ومتخصصة فقط في مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية مع قاعدة بيانات محلية متخصصة بالأعمال الفنية المسروقة. حيث لا يمكن مكافحة هذا النوع من الجرائم إلّا من خلال إنشاء وحدة شرطة متخصصة على الصعيد الوطني.
نانسي:
في اعتقادك، ماذا ينبغي على البلدان المعرضة للخطر مثل العراق وسوريا عمله لحماية تراثها في مكان منشئها؟ ما الأُطُر القانونية واستراتيجيات الحماية العملية التي ينبغي على البلدان المعرضة للخطر أن تضعها حيز التنفيذ؟
كورادو:
بالطبع، من المهم أن نعرف أن سوريا، العراق وبلدان أخرى تحاول أن تضع حيز التنفيذ بالفعل أعمالاً هامة كنقل المقتنيات (المقتنيات المنقولة) من المتحف إلى مكان آخر في مدينة آمنة. لكن بالطبع، ما لا تستطيع سوريا، أو العراق أو ما لا يتسنى القيام به في منطقة الصراع، هو، في حال خسارة الحكومة للأراضي، بالطبع من غير الممكن حماية المنطقة الأثرية. لذلك، يتعذر ذلك في حالة التراث الثقافي الغير قابل للنقل. لا يستطيعون القيام بأي شيء. بالتأكيد إن جرد المقتنيات المنقولة هو أحد الأشياء المطلوبة. هذا هام جداً – جرد ما يمكن سرقته. القطع المعروفة الممكن سرقتها. لهذا السبب، كما سمحت لي بإخبارك، بينما يتحرك الإنتربول في هذا الاتجاه في الفترة القادمة في الخريف بعد الصيف، سوف نصدر تطبيقاً على الأجهزة المحولة باسم “آي دي آرت،” حيث سنحاول توفير لائحة جرد قد تكون خاصة، للتغطية على الشح في هذا المجال، بالإضافة إلى واحدة حكومية ومقتنيات المتاحف. وسوف نمكِّن التطبيق من جرد القطع الفنية المعروفة من خلال هوية القطعة. كما تعلمين، هوية القطعة هي معيار دولي لجرد أي قطعة فنية. وفي هذا التطبيق، سوف نخصص قسماً خاصاً لهوية القطعة حيث سوف يتسنى للناس أن يجردوا مقتنياتهم وبنهاية المطاف إذا تعرضوا لسرقة (من قبل الجريمة المنظمة أو إرهابيين أو ما شابه)، من الممكن إرسال هذا الملف إلى الشرطة، الذين بمقدورهم الطلب من الإنتربول أن يدرجه في قاعدة بياناته. من تلك اللحظة، سوف تصبح هذه القطعة مطلوبة دولياً في جميع أنحاء العالم. أهم شيء عل البلد أن يقوم به، بالعودة إلى سؤالك، هو إعداد لائحة جرد لأكبر عدد ممكن من القطع.
نانسي:
كورادو كاتسي، شكراً جزيلاً على وقتك وعلى الانضمام إلينا على الهاتف.
كورادو:
شكراً على وقتك وعلى إعطاءنا في الإنتربول الفرصة لمشاركة خبرتنا.